المشاركات

مفارقة الازدهار

  مرحبا يا أصدقاء، عدنا مجددا للكتابة في مدونة موازنة بعد انقطاع طويل، وأكتب لكم اليوم ملخصا بسيطا حول كتاب ( The Prosperity Paradox ) أو مفارقة الازدهار إذا ما ترجمناها للغة العربية، وهو هدية أعتز بها من شخص لطالما تعلمت منه الكثير. في   هذا الكتاب المكون من 344 صفحة، والذي لا أزال في الفصل الأول منه حاليا، وأنا أكتب لكم هذا الملخص، شدني ما كُتِبَ في المقدمة، حول رغبة الكتاب مع الكتّاب الفرعيين في إحداث تغيير مهم وملموس، خصوصا حول تحديات الفقر في بعض دول العالم. الكتابة عن التنمية الاقتصادية قد تبدو سهلة، لكن تطبيقها يحتاج إلى شجاعة كبيرة، خصوصا كشجاعة Mo Ibrahim الذي قرر اتخاذ خطوة أولى نحو صناعة تغيير حقيقي لمحاربة الفقر والمستوى المعيشي المتدني في الدول الفقيرة. في البداية، يتحدث الكتاب عن مقدرة الابتكار ( Innovation ) على حل مشاكل الفقر والعوز في الدول الفقيرة، ولنأخذ بعض دول أفريقيا كأمثلة: الكونغو، وأوغندا، وغيرهم. الدول التي مهما عمل الناس فيها جاهدين على تحسين مستوى حياتهم، فإنه من الصعب أن يتغير، ويظل ذلك المستوى في أغلب الأحيان تحت   خط الفقر. ثم يسترسل في...

الصناديق السياديّة: مراكمة الثروة وسدّ العجز

صورة
مرحبا يا أصدقاء، هذه هي التدوينة الثانية عشرة من مدونة موازنة، نكمل بها عاما كاملا من الكتابة حول الاقتصاد، والمالية، وإثراء المحتوى العربي في هذه المجالات. في تدوينة اليوم، أضع ملخصا هو تجميع وإعادة ترتيب للأفكار المطروحة والآراء في الأوراق البحثية المشاركة في منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية – الدورة السابعة (2020)، الذي تناول محورين، أحدهما: الصناديق السياديّة والسياسات الاستثمارية لدول مجلس التعاون الخليجي. بدأ الحديث عن صناديق الثروة السيادية حينما قامت البلدان المنتجة للنفط والمصدّرة له بمراكمة الاحتياطيّات من العملات الأجنبة بشكل كبير، وليس بالضرورة اعتمادها على الصادرات النفطية من أجل مراكمة هذه الاحتياطيات. فإذا كان لدينا عملة حرة وفائض من التجارة، فإن العملة تكتسب قيمةً إضافية. ولكن بالنسبة للدول المنتجة للنفط - تحديدا في الخليج -، فإن نظام التبادل بالعملات الأجنبية مرتبط بالدولار، وهذا يجعلنا نتساءل حول فكرة تثبيت العملة مقابل الدولار الأمريكي، التي عُمِلَ بها لفترة طويلة. فإذا وُجِدَ الفائض، ترتفع القيمة الإضافية للبنوك المركزية وتبدأ تباعا بمراكمتها، ويسمى ذلك: احت...

هل سيكفي الغذاء العالم في 2022؟

صورة
مرحبا يا أصدقاء! كنت أقرأ في الأسابيع الماضية تقريرا يتحدث عن قطاع الغذاء وصناعته في دول الخليج، وورقة بحثية حول متغيّرات الأمن الغذائي في سلطنة عمان، ونما مؤخرا عندي اهتمام بمجال الأمن الغذائي، فأحببت مشاركتكم ما توصلت إليه. يمكننا أن نبدأ التفكير بالأمن الغذائي على أنه الوضع الذي يستطيع فيه الجميع – وفي كل الأوقات – الحصول على التغذية المناسبة، والكافية، التي تلبي احتياجهم وتفضيلاتهم؛ ليحصلوا على حياة صحية وحيوية. وكما تعلمون، فإن كل نمط اقتصادي لابد له أن يمر خلال العرض والطلب، فيتأثر الأمن الغذائي بنسبة النمو السكاني، وبالناتج الإجمالي للفرد، وتفضيلات المستهلكين، ويتأثر كذلك في الجانب المقابل بقدرة الدول على إنتاج الغذاء محليا، واستيراده من الخارج. إن التحسّن الذي يعيشه العالم بعد فتح الاقتصادات، وارتفاع معدل النمو السكاني، وتحسن نصيب الفرد من الناتج الإجمالي المحلي في بعض الدول، أدى إلى رفع الطلب على الغذاء، ويمكننا أن نشير إلى هذا بـ: زيادة الاستهلاك، وبذلك يُتوقع أن ينمو معدل الاستهلاك الغذائي في دول الخليج بنسبة فائدة مركبة ( CAGR ) تصل إلى حوالي 2.3% حتى عام 2025م. تعد ال...

السياسة المالية وجوهر النمو الاقتصادي

صورة
يمكن اعتبار تدوينة هذا الشهر امتدادًا لتدوينة شهر أغسطس (ميزانية الدولة: التخطيط والواقع)، حيث ناقشنا ميزانية الدولة وقمنا بشرح تفاصيلها المهمة، وعرجنا في نهايتها على خطط الدولة في مواجهة العجز المالي، ويأتي دور الحكومات في ذلك من خلال التحكم بالسياستين: المالية والنقدية. لنقم بتعريف السياسة المالية أولا. ببساطة، هي الإجراءات التي تتخذها الحكومات ممثلة بوزارة المالية، للتحكم بمستويات الإنفاق والإيرادات الحكومية، بالتركيز على المصروفات، والضرائب، والدين العام، لتحقيق أعلى مستويات التوازن الاقتصادي وتحسين توزيع الثروة والدخل في المجتمع. تمضي السياسات المالية عكس حالة الاقتصاد؛ وذلك في محاولة لتدارك الوضع الاقتصادي للدولة، لأننا لا يمكن أن نمضي في حالة ازدهار مستمر دون حدود فذلك سيرفع معدل التضخّم، كما لا يمكننا أن نمضي في حالة ركود مستمر، فذلك موت الاقتصاد ونهايته. الحل يكمن في المحافظة على أداء الاقتصاد بوضع حدود تجعل حجم الإنفاق والإيرادات مستقرًا، والمتغيرات الاقتصادية في اتزان (التضخّم، سعر الصرف، نسبة الفائدة، ...)، وأغلب هذه المتغيرات يعمل من أجل استقرارها البنك المركزي بالسياسة ...

الحدس وصناعة السلوك المالي

صورة
معظمنا يعتقد أن قرارته المالية حكيمة وصائبة على المستوى الشخصي؛ لأنه يتخذها عادة بعد تفكير وتخطيط. لكن، هل هذا واقعي وصحيح دائما؟ ولماذا نشعر أن المال لدينا غير كافٍ ونحن بحاجة دائمة لتمويل مستمر، حتى أكثر مما نحصل عليه؟ قامت العديد من الدراسات بالبحث عن طبيعة النفس البشرية وسلوكها، وكيف تؤثر بدورها على تفكير الإنسان وحياته، خصوصا حينما يتعلق الأمر بالقرارات المالية، نجد أن البعض يدّخر لأنه يطمح لشراء سيارة أو بيت، فهو يميل لأن يعيش نوعا من التنازل عن مستوى رفاهية معين، لأجل الوصول إلى ذلك البيت أو السيارة. ونجد البعض يستهلك المال ويسرفه، ربما لأنه ثري، ولكن الثراء ليس دائما مصدر الإسراف، وإنما حتى أولئك الذين لا يملكون خطة لمصاريفهم ونفقاتهم ولا أسلوب حياة واضح يقومون بالإنفاق العشوائي، وبالتالي استهلاك التمويل لديهم. عموما، يرغب البشر بالحصول على رفاهية أعلى، مما يغذي شعور الرغبة بالحصول على المزيد كل مرة، وهو سبب شعورنا بالحاجة للمزيد من المال. هكذا نبدأ بالأساسيات، ثم الكماليات، ثم الأشياء غير المهمة التي لا تضيف قيمة كبيرة، ولكنها -من الناحية النفسية- تبدو مهمة؛ لأن شعور الإنسان...

ميزانية الدولة: التخطيط والواقع (دليل عملي)

صورة
مرحبا يا أصدقاء! شكرا لقرائتكم تدوينات موازنة الشهرية. كنتُ أفكر كثيرا في الكيفية التي يجب أن أكتب بها تدوينة هذا الشهر، وخطر على بالي أن أكتب دليلا عمليّا مبسّطا يحوي تحليلا سلسًا لفهم الميزانية العامة للدولة وقرائتها، والتي تصدرها وزارة المالية سنويا، في محاولة لتوقّع الأداء المالي للسنة القادمة، ومحاولة ضبط الإيرادات والمصروفات الفعلية حسب المخطط له. سنستعين في هذه التجربة العملية بميزانية الدولة لعام 2021م، والتي توجد في موقع وزارة المالية. أولا، وبطبيعة الحال، يحتاج كل فرد إلى مصدر دخل يموّل نفقاته العامة، وبناء على ذلك يقوم بترتيب مصروفاته وأولوياته، فإن وجد لنفسه فائضا، فهو إما يدّخره أو يستثمره، وربما يستهلكه. وإن كانت مصروفاته أكبر من دخله، فإنه يتعين عليه أن يحرم نفسه من بعض الأشياء، أو يجد تمويلا إضافيا، أو يستقرض. الأمر نفسه ينطبق على الدولة وميزانيتها، لكننا هنا نتحدث عن أرقام ومسؤولية أكبر، وعن أكثر من مصدر دخل ومصدر إنفاق. في الصفحة 55 من دليل قراءة الميزانية، نجد جدولا يضع المختصر المفيد من الأرقام والإحصائيات التي نحتاجها، لذلك لا داعي لقراءة تفصيل الميزانية كاملا،...